بغداد/  سومر الاخبارية

بقلم: سمير عبيد – خبير سياسي وأستراتيجي

جميعنا نتذكر الطلب الذي تحرك بشكل مفاجىء في محافظة صلاح الدين قبل أحتلال” داعش” للمنطقة الغربية بسنوات قليلة .للمطالبة بــ”إقليم خاص” في صلاح الدين. حيث وافق مجلس محافظة صلاح الدين بتاريخ 27/10/2011 على اعتبار المحافظة إقليما مستقلا إداريا واقتصاديا،…ودار حينها جدل كبير حول الموضوع ،وحول ماهية هذا الأقليم. بحيث قالوا في حينها مايلي:

1. قال رئيس الحكومة أنذاك “نوري المالكي” نرفض أقامة إقليم في صلاح الدين لأنه سيكون وكرا للبعثيين….

2. وقال مسؤول في حزب الدعوة: سيؤدي هذا الإقليم الى تقسيم البلاد.

3. وقالت مرجعية النجف حينها: تحرم أقامة الأقاليم وتقسيم البلاد.

4. وقال مقتدى الصدر: نرفض أقامة الأقاليم إلا بعد الأنسحاب الأميركي وأن لا يكون إقليما طائفيا.
55. وقال البعثيون وعزة الدوري: نرفض رفضا قاطعا إقامة إقليم صلاح الدين وفكرة الأقاليم بأستثناء كردستان لأن وضعها خاص!!.

6. ورحب إقليم كردستان بإقامة إقليم صلاح الدين ولكن كيف ستحل مشكلة الأراضي المتنازع عليها!.

وبسبب ذلك الجدل خفتت المطالبة وتبعتها بعض المطلبات أيضا ففي 26/6/2013 حيث طالبت الحكومة المحلية بخروج قوات دجلة وقوات البشمركة بعد المشاكل الأمنية التي حدثت في الطوز!!.
وبقيت محافظة صلاح الدين قلقة أمنيا وجغرافيا طيلة السنوات الماضية وحتى الأن. بحيث كان يُنظر لمحافظة “صلاح الدين” قبل أحتلال “داعش” لها وللموصل والمنطقة الغربية. على أنها الأرض الرخوة من قبل أدارة الموصل، وادارة الأنبار، وإقليم كردستان…….!!فأقليم كردستان يقولها علنا أن له مناطق متنازع عليها في صلاح الدين .وبالتالي لا يسمح بإقامة إقليم صلاح الدين إلا بعد تسوية هذا الملف أو الحرب!!.

**********
أما بعد تحريرها من “داعش” فباتت تعاني محافظة”صلاح الدين” من أزمات داخلية للأسباب التالية: ــ
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

1. بروز قوى داخل المحافظة وراءها دعم إقليمي وداخلي باتت تهدد وحدة المحافظة سياسيا وجغرافيا وديموغرافيا..

2. أنتشار “البؤر المتوترة” وكأن هناك ملامح ورغبة لدى بعض أقضيتة صلاح الدين بالنأي عنها نحو محافظات مجاورة……

3. وعلينا تثبيت نقطة مهم جدا والمتعلقة بـ “سهل نينوى” وتأثيرة الجيوسياسي والأمني والديموغرافي على صلاح الدين لا سيما وأن هناك مخطط ليكون “إقليم مسيحي” متوائم مع إقليم كردستان. أو يكون إقليما لـ (الأقليات) يدور في فلك كردستان أكثر مما يدور في فلك بغداد والحكومة المركزية. وهذا سيُحتم واقع ديموغرافي جديد أول المتأثرين به محافظة صلاح الدين.

4. تعقيد الجغرافية المحيطة بصلاح الدين والتي على تماس مع مناطق قاحلة وأخرى معقدة جغرافيا وبيئا شكلت عبء أمني كبير على المحافظة.

5. تعقيد الجغرافية الديموغرافية لصلاح الدين، والمتداخلة مع جيران صلاح الدين الذين ينظرون اليها بأطماع باتت واضحة وخصوصا بعد تحريرها من داعش. وبعد صعود نغمة الأقاليم والتقسيم!.
ــــــــــــــــــــــــــ

عودة الى المقدمة:ـ

وبالعودة لمقدمة المقال. ثبت لنا الآن أن الأخوة الذين رفعوا شعار “أقليم صلاح الدين الأداري” قبل أكثر من 5 سنوات. كانوا على حق. وكانوا يعلمون بأن محافظتهم في خطر وحولها أطماع حقيقية وليست خيالية…… ولكن بما أن حكومات العراق ما بعد عامة 2003 ليست لديها أستراتيجية، وليست لديها مراكز ومعاهد أبحاث متخصصة، وليست لديها وزارة تخطيط فاعلة كانت تعالج الملفات بـ (ردات الفعل) وحتى يومنا هذا….

وبالتالي بقيت جميع الملفات العالقة في العراق دون حلول. بل هناك سياسة تكاد متشابهة منذ حكومتي نوري المالكي وحتى حكومة العبادي وهي ( ترحيل المشاكل والملفات) والأصرار على المسكنات والهروب للأمام!!.
ـــــــــــــــــــــ

التضاريس المعقدة لـ صلاح الدين مابعد ” داعش”!!
ــــــــــ

أصبحت محافظة صلاح الدين في حيرة من أمرها أثناء أحتلال “داعش” لها، ومابعد تحريرها من “داعش”. بحيث تقاربت صلاح الدين مع المركز. ومع “الشيعة” كثيرا لدور الشيعة الواضح في تحرير صلاح الدين. وباتت تستقوي ببغداد وبالشيعة الرافضين للعبث في الجغرافية العراقية بشكل عام، والجغرافية ّالسنية” بشكل خاص!.

ولكن هناك لاعبين إقليميين ومحليين باتت لهم بصمات في ملف صلاح الدين!.
ـــــــــــــــــــــــــــ

1. إقليم كردستان يتمنى أضمحلال محافظة صلاح الدين لكي يأخذ حصته الجغرافية والديموغرافية حسب المادة المثيرة للجدل”140″ وبذلك يتمدد كردستان جنوبا .وبالتاالي يُحيي مخطط إقليم سهل نينوى…. ويضرون تحقيق الإقليم السني القوي بين الموصل وصلاح الدين وديالى ويكون منافس قوي لكردستان.

2. صقور مدينة الموصل من “ساسة وقادة ووجهاء” من الذين يؤمنون بالأقاليم والتقسيم يتمنون أضمحلال محافظة صلاح الدين لكي يحصلوا على الأراضي والمدن التي سيتم ضمها الى الموصل. ومن ثم تتخلص الموصل من منافس” سني”، وتقلل من قوة الرمادي وديالى سياسيا. وتكون على تماس مباشر مع كردستان.

3. صقور كركوك من الأكراد يتمنون أضمحلال محافظة صلاح الدين لكي يتخلصوا من العبء الديموغرافي القبلي الذي يربط صلاح الدين بكركوك.

4. هناك سيناريو لدى بعض (الشيعة) الذين يوالون جهات إقليمية وأخرى محلية يعملون على أضمحلال محافظة صلاح الدين وإعلان (سامراء) محافظة بدلا عنها. وهناك خطة (إقليمية) لفرض تشظي جغرافية صلاح الدين كمدينة وضواحيها لصالح كردستان والموصل وكركوك..الخ.

5. هناك قوى إقليمية تعمل على مساومة ومقايضة كردستان بإضمحلال محافظة صلاح الدين وتسليم معظم أراضيها لكردستان .مقابل سكوت ودعم كردستان بإقامة محافظة في ( تلعفر) تكون مخلب قط إقليمي هناك!!. وأن تلك القوى الإقليمية باتت تعبث بين قيادات ووجوه وقوى في صلاح الدين لتغيير المشهد السياسي فيها لصالح جهات تدور في ذلك الفلك الإقليمي.

ــــــــــــــ

ربما يسأل أحدكم

وأن تبخرت محافظة صلاح الدين ماذا سيحدث؟

الجواب:ــ

أن تبخرت محافظة صلاح الدين وأنتهت، أو أصبحت المحافظة في سامراء هنا يتجسد المشهد التالي!.

أولا: ــ

هنا سوف يصبح لدينا (الموصل والرمادي وديالى) وهذا مخطط (الصقور السنة/ وقادة مؤتمر أنقرة) لتمييع محافظة صلاح الدين. بحيث لم يُدعى أي ممثل عن صلاح الدين الى مؤتمر ( أنقرة)……..

ثانيا:ــ

ولو نظرت للمشهد ( أي ثلاث محافظات سنية)هنا سوف يحق لها دستوريا طلب أعلان الإقليم. وعند إعلانه سوف يكون محاذي لإيران من جهة ديالى….. وسوف يُحقق للأكراد مطالبهم في المادة 140 من الدستور…… وهنا أتفقوا على أن يكون ( الدكتور سليم الجبوري) رئيسا لمؤتمر أنقرة ( يعني رئيس الإقليم) لتطمين الجانب الإيراني لأن الجبوري صديقا وحليفا لإيران لأسباب تتعلق بـ

1. العلاقة التاريخية بين تنظيم الإخوان المسلمين وإيران الإسلامية.

2. لأن الدكتور سليم الجبوري من محافظة ديالى وممثل قوي لها فهي تريد تسكين ملف ديالى التي تخاف منه جدا من خلال سليم الجبوري.

3. ولأن لدى إيران (خطة تحالف الجبوري والمالكي) وفرض المالكي رئيسا للإقليم الشيعي. وهي التي جعلت المالكي يستلم رئاسة التحالف الوطني بعد أنتهاء مدة عمار الحكيم!!.

ثالثا: ــ
سوف تعمل إيران على أرضاء (شيعة العراق) كشيعة أصدقاء لها، وكمرجعية وحوزات شيعية، وكمؤسسات شيعية من خلال مقايضة ( قادة مؤتمر أنقرة) بأن تكون (سامراء محافظة تدور في الفلك الشيعي) وهنا سوف تكون حدود الإقليم الشيعي خلف سامراء بقليل…. وهنا ستنجح إيران بفرض محلب قط أستراتيجي خلف سامراء مقابل المخلب السني من ديالى تحو الحدود الإيراني من أجل فرض التوازن الإستراتيجي والأمني!!.

ـــــــــــــــــــــــــــ
ملاظة مهمة: ــ

1 ــ أن لولادة الإقليم السني دعم أستخباري وسياسي من “تركيا، ولأردن، والأمارات، والسعودية، وقطر)… أي أن هذه الدول تتآمر ضد أهالي وكيان صلاح الدين…

2 ــ هناك دعم ايراني سري لمؤتمر أنقرة.. و لفرض الأقليم السني وبالتفاهم السري مع تركيا!!لكي تتقاسم إيران وتركيا النفوذ في العراق!!.

3 ـــ ولكن كبار وقادة صلاح الدين تحركوا هذه الأيام نحو أمريكا لشرح المخطط الإيراني التركي لتعويق المشروع الأميركي في العراق.

4 ــ وذهبوا الى الأمارات لتحذيرهم من ولادة دويلة للإخوان المسلمين في العراق.
ونحو قيادات فاعلة في الجانب الشيعي رافضة لهذا المشروع ….لتعطيل ذا المخطط….!!

ربنا أحفظ العراق وأهله…!