الحكم بعدم دستورية قرار لمجلس قيادة الثورة المنحل لتعارضه مع الحريات
بغداد / سومر الاخبارية
قررت المحكمة الاتحادية العليا الحكم بعدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994، مؤكدة تعارضه مع مبادئ الحريات الواردة في الدستور.
وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي للمحكمة الاتحادية العليا أن “المحكمة نظرت دعوى رفعها مواطن ضدّ رئيس مجلس النواب اضافة لوظيفته للطعن بقرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994”.
وأضاف البيان أن “المحكمة وجدت من خلال قراءة القرار محل الطعن بأنه يتضمن عدم اطلاق سراح المحكوم عن جريمة اختلاس أو سرقة المال العام أو اي جريمة تطال هذا المال ما لم يُسترد منه”.
وزاد ان “القرار من شانه ابقاء المحكوم عليه المعسر عن تلك الجرائم في السجن مدة لها بداية لها وبلا نهاية، وأن حصلت النهاية فهي بشرط لا يتحقق وهو التسديد مع الاعسار”.
ورأت المحكمة أن “المركز القانوني للمحكوم الذي امضى مدة الحكم الجزائي قد اصبح مديناً للجهة المتضررة وهي احدى مؤسسات الدولة التي عناها القرار المطعون بعدم دستوريته”.
ووجدت أن ” استحصال هذه المؤسسة الديون حق كفله القانون لها واستعمال الحق يلزم أن يكون وفق الاجراءات المرسومة في القوانين وليس بالتنفيذ على بدن المدين وبالقدر الذي يضيق عليه لاظهار امواله وللمدة التي حددها القانون لا إلى ما لا نهاية”.
وأكد أن “قانون قانون التنفيذ رقم (45) لسنة 1980 حدد هذه المدة في المادة (43) منه بما لا تتجاوز على اربعة اشهر لاجبار المدين على اظهار امواله اضافة إلى الطرق الاخرى التي رسمها القانون ومنها الحجز على الاموال ومنع السفر وغيره من الوسائل، وكذلك ما اورده قانون تحصيل الديون الحكومية رقم (56) لسنة 1977 من اساليب تؤمن الحصول على حقوق الدولة”.
واستطرد البيان أن “القول بغير ذلك وابقاء المدين موقوفا أو سجيناً اذا كان معسراً ولم تستطع الدولة بما لها من امكانيات بالكشف عن امواله والحصول على حقوقها بالاساليب القانونية واللجوء إلى تطبيق احكام القرار (120) لسنة 1994 بابقاءه سجيناً دون تحديد مدة فأنه يتعارض مع المبادئ التي اوردها الدستور في (الفصل الثاني) من (الباب الثاني) منه المتعلق بالحريات في المواد من (37 – 47) منه”.
وأشار القرار إلى “ما جاءت به المادة (37/ اولاً/ أ) بالنص (حرية الانسان وكرامته مصانة)، والفقرة (ج) من نفس المادة التي حرمت جميع انواع التعذيب النفسي والجسدي، وكذا ما حرمته المادة (46) بعدم جواز تقييد الحقوق والحريات الا بناء على قانون وأن لا يكون هذا القانون ماساً لجوهر الحق والحرية”.
وأورد البيان أن “المادة (2/ ج) من الدستور لم تجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الواردة فيه”.
وشدد على ان “سن مثل هكذا قانون أو وجوده اصلاً يشكل خرقاً لاحكام الدستور ويقتضي الحكم بعدم دستوريته وأن ذلك ينطبق على قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 الذي يبقي المدين المعسر المنهي لمدة محكوميته الجزائية رهين الحبس دون نهاية فأنه يشكل تعارضاً مع الحقوق والحريات الواردة في الدستور”.
واستطرد أن “المحكمة وجدت في الدفع المقدم لها بأن القرار موضوع الطعن هدفه الحفاظ على المال العام، أن الحفاظ على حرمة المال العام التزام به جاءت المادة (27) من الدستور يشمل كل من الدولة والمواطن”.
وأوضح أن “مؤسسات الدولة ملزمة بالحافظ على المال العام بوضع الاسس الكفيلة بكيفية التصرف بها للمصلحة العامة باجراءات محكمة وشفافة عن طريق تشريعات مقتدرة على سن منافذ الفساد ورقابة واعية ونزيهة تحول دون وقوع الجريمة”.
اما التزام المواطن بحماية الاموال العامة، اكد البيان أن “واجب المواطنة يلتزم به المواطن كما تلتزم به الدولة، واذا ما اعتدى المواطن على المال العام فأن القانون والقضاء كفيل بانزال العقوبة الجزائية عليه وتطبق النصوص الواردة في قوانين التنفيذ في استرجاع المال”.
وشدد البيان على أن “المحكمة لم تجز توقيع العقوبة الجسدية على المحكوم بدون حدود كما هو حكم القرار موضوع الطعن؛ لأن ذلك يعدّ صورة من صور التعذيب النفسي والذي حرمته المادة (37) من الدستور”.
وناقشت الدفع الذي يتعلق بأن هذا النوع من العقوبات (تبعية) فأن المحكمة ذكرت “أنه مردود؛ لان العقوبات التبعية واردة على سبيل الحصر في المواد من (95- 98) من قانون العقوبات رقم (111) لسنة 1969 وليس من بينها ما ورد في القرار (120) لسنة 1994”.
ويسترسل البيان أن “المحكمة ردت دفعاً اخراً بأنها لا تختص بالنظر في هكذا قرارات، وأكدت المحكمة الاتحادية العليا أن القرار المطعون به يعد من صلب اختصاصاتها الواردة في المادة (93) من الدستور وهو الرقابة على دستورية القوانين والانظمة النافذة”.
ومضى البيان إلى أن “المحكمة قررت عدم دستورية قرار مجلس قيادة الثورة المنحل رقم (120) لسنة 1994 وحكمت بالغاءه”.
اترك تعليقاً