رغماً عن أنف المرض وسلطة الغياب.. العراقي والدراجي يلتقيان في دبي ويلتقطان صورة للأصدقاء
أكثر من خمسين عاماً، وهما معاً في طريق الصداقة والحب والشعر، والتحدي الذي لا ينكسر.
اكثر من خمسين عاماً دون ان تفلح مناكفات الحياة في ابعاد احدهما عن الآخر، كما لم تقو كل صعوبات الزمن القاسي على مواجهة صبرهما الطويل جداً، ولم تستطع كل مباهج واضواء الشهرة، وإغراءات النجاح على ان تربح جولة واحدة من جولات نزالاتها للنيل من وحدتهما، وتآخيهما، وتلاحهما المستحيل..
انهما بحق مصباحان عراقيان اخضران، يضيئان ليالي الكفاح ، والسفر ، والمحطات البعيدة بشعاع الأمل والحب والحياة، ويشعلانها بوهج حبهما للعراق، والشعر، والفكر ، والناس الفقراء، خاصة وانهما مازالا حتى هذه اللحظة يموسقان ايام الناس بأعذب الأغنيات رغم ضجيج الحروب ونشاز الطغاة، وقسوة الدم.
كريم العراقي وفالح الدراجي الصديقان اللدودان، والرفيقان الأبديان، اللذان يتألقان معاً، وينطفئان معاً.. يمرضان معاً، وينهضان من فراش الخطر معاً.. كما حصل من قبل، ويحصل اليوم، دون ان يعرف احدهما بمرض الآخر !
فهل هو قدرهما اللذان توحدا به، أم هي المصادفة الغريبة التي توقع هذين الشاعرين العذبين بحبالها.. وإلا كيف يمرض كريم ويجرى عملية جراحية خطيرة، فيخرج منها سالماً معافى بأحسن حال، وفي ذات اليوم يتعرض فالح لعارض صحي خطير فيخرج من ازمته سالماً معافى مثل صاحبه؟
وقبل ثلاثة ايام لا اكثر يلتقي فالح وكريم في دبي، فيتعانقان عناق المحبين، ويضحكان ملئ اقداحهما، فينغمر المكان بمطر الحب والفرح والامنيات الخضر ، ثم يلتفتان نحو الآتي البعيد، ويرفعان له بأصبعيهما شارة الاخوة والبقاء والتوادد النزيه ، وقبل ان يفترقا يتصلان بأخيهما رحيم العراقي، فيطمئنانه على صحتيهما، ويطمئنان على جنون ابداعه المدهش، ثم يتعانقان، وقبل ان يتوادعا، يخرجان لسانيهما سوياً ليسخرا من غباء المرض، وسلطة الخوف من الموت والغياب..
هما لاشك قويان، بإيمانهما، وبثقتهما بهذا الايمان..
ومستقويان بالشعر، وبرفاق الشعر، وبالحب، والقيم الوطنية، ومتحزمان بحزام صداقتهما التي تجاوزت الخمسين عاماً قبل خمس سنوات، نعم، فقبل ثلاثة ايام لا اكثر جلس كريم العراقي وفالح الدراجي في احد مطاعم دبي، والتقطا هذه الصورة الاخوية لذكرى النصر على المرض والخوف، ولطمئنة المحبين في كل مكان، لاسيما في عراق الحب والنقاء والناس الطيبين.
اترك تعليقاً