الحلقة الثالثة من قصة ثامر الغضبان : من زمن علاوي الى عبد المهدي، والغضبان في ارفع المناصب .. لماذا، ومن يقف خلف ذلك ؟!
لربما لا يتصور البعض أن اياد خفية قادرة ومتمكنة تدفع ببعض الوجوه الى سدة السلطة في عراق اليوم، دون أن تكون واضحة في الصورة، أو دون أن يسجلوا لهم حضوراً مرئياً في المشهد السياسي، سواءً اكان هذا الحضور انتخابياً، أو عبر ترشيح يأتي من قبل بعض القوى السياسية المؤثرة، أو من خلال انضمام سياسي واضح لهذا الحزب أو لتلك الكتلة.
لكن هولاء المحظوظين يتبؤون ارفع المناصب بشكل فجائي وغامض، ويحصدوا المحاصيل المثمرة والجاهزة دون أن يزرعوا شيئاً كما يقال.
واحد من هولاء، رجل كان منذ عام 1973 والى هذا اليوم يعمل في القطاع النفطي العراقي متدرجاً في سلسلة المراكز، معتمداً قبل 2003 على كونه أحد عناصر حزب البعث المحظور، حتى وصل الى درجة عضو شعبة، ومرشحاً لقيادة فرع بغداد كما تؤكد الحركة الشعبية لإجتثاث البعث في بيان سابق لها
– نحتفظ بنسخة من هذا البيان – كما وصل الرجل الى مركز وكيل وزارة انذاك، ليعود بعد 2003 مباشرةً الى تولي منصب إدارة وزارة النفط في عهد بريمر سيء الصيت، ثم يتم ترشيحه مباشرةً لوزارة النفط في حكومة اياد علاوي المؤقتة، وبعدها عضواً في الجمعية الوطنية ابان حكومة الجعفري، ليرقى فيما بعد الى أخطر منصب في الدولة، وهو تولي رئاسة هيئة المستشارين في حكومة المالكي بولايتيه، وللعلم فقط فإن ثامر الغضبان من طويريج ! وعليه فقد احكم الرجل من خلال هذا المنصب المهم والواسع قبضته على قطاع الطاقة بشكل تام حتى أنه نجح في افشال هذا القطاع، بل وفي اسقاطه بشكل كارثي ومتعمد تماماً، ليثبت لمن كان معهم – أيام زمان – أنه وفي لهم ولمنظومتهم العقائدية!
والمصيبة ان اسباب فشل وتدهور الطاقة في العراق -لاسيما الكهرباء – وزعت على شخصيات ومناصب ودول جوار، بعضها وزراء، ووكلاء وزارة، ومدراء، وبعضها على شركات محلية واجنبية، دون ان يتفضل أحد بالسؤال عن المسؤول الحقيقي عن هذه المشكلة، بل وعن هذه المأساة
– إذا صح التعبير-!
نعم، لم يسال أحد من النواب، أو من الحكومة، أو من النزاهة والقضاء والاعلام والمنظمات والاتحادات عن مسؤولية هيئة المستشارين، التي تعد اكبر واهم الدوائر في رئاسة الوزراء، والا فما هو دور هذه الهيئة، أن لم يكن لها تخطيط، واستشارة، وعمل، وبرامج ومشاريع ستراتيجية قصيرة وبعيدة المدى في قطاع خطير، هو القطاع الاخطر والاهم في حياة العراقيين، إذ لو تفضل احد منهم بالسؤال والتدقيق والمتابعة وقتها، لأكتشف بما لايقبل الشك ان لهيئة المستشارين- وتحدبداً رئيسها ثامر الغضبان- يداً قصدية بهذا التدمير والاهمال المتعمد، وهو حتماً دور مرسوم ومعد له بعناية في دوائر عمان الخاصة !
ولكن، ورغم ما اقترفه الرجل من جريمة بحق العراقيين اثناء رئاسته لهيئة المستشارين ” الفاسدين” عبر عقد من الزمن، وضياع مليارات الدولارات، وتدمير مستقبل الطاقة في العراق، ورغم مسؤوليته بشكل مباشر وغير مباشر عن هذه الكارثة، إلا ان عادل عبد المهدي، وكما يبدو قد اعتبر جريمة هيئة المستشارين بتدمير الطاقة، عملاً وطنياً عظيماً، تستحق عليه التكريم والدعم والثناء، فقام – مشكوراً – بترشيح رئيسها ثامر العضبان ليكون وزيراً للنفط في حكومته الرشيدة جداً !دون أن يكون واضحاً عن أي طريق أو تدرج وصل هذا الغضبان، وهو المجرب، والمغرق في تجريبه ايضاً، وهذا الترشيح كما يقال كسر واضح لاعراف ما بعد انتخابات 2018، التي قالت أن ” المجرب لا يجرب”.
ان ما جرى في ترشيح الغضبان، يؤشر بصراحة الى أن فعلاً هناك دولة عميقة خفية تتحكم بقطاع النفط في العراق بشكل خاص، وقطاع الطاقة بشكل عام، وهذه الدولة فقدت سطوتها على هذا القطاع لفترة وجيزة، لكنها عادت الى أن تحكم قبضتها عليه مجدداً، وبشكل واضح للعيان من خلال تولية الغضبان في غفلة، أو تواطؤ من قبل القوى السياسية المتحكمة، لاسيما تحالف الاصلاح والاعمار المدعوم من قبل السيد مقتدى الصدر وعمار الحكيم.
ان اعادة استيزار الغضبان في هذا الموقع أنما هو كسر لأعراف وبرامج معلنة، كما إنه يؤكد ان النوايا الأمريكية في عهد الرئيس غريب الأطوار دونالد ترامب واضحة باتجاه تغيير بوصلتها من القوى السياسية ككل، واعادة تأهيل وجوه الصف الثاني من نظام الحكم البعثي السابق لتولي الحكم مجدداً، لكنه مدعوم ومؤيد برغبة بعض القوى الشيعية التي تنطلق من هاجس الثأر من حزب الدعوة والمالكي، وهي لا تعي للاسف خطورة ما تقدم عليه. فالقادم سيكون أسوء في حال مررت هذه الصفقة وتم التغاضي عنها !. وللحديث بقية
اترك تعليقاً