كيف نجح “غورباتشوف الشيعة” في تفكيك البيت الشيعي العراقي”؟!
انه ميخائيل سيرغييفيتش غورباتشوف العراق، نعم، فهو الرجل الذي بدأ خطوات الاصلاح في العراق تنظيراً، لينتهي بالبلاد الى تفكك رهيب، وانغلاق سياسي غير مألوف، وليعلن وفاة الحياة الدستورية بدون سابق انذار، وتعطيل دور المؤسسات القانونية، واستفحال ظاهرة اللا دولة، فضلاً عن شيوع مفهوم التغانم، وصولاً الى تصريح رئيس اللجنة المالية في مجلس النواب الحالي، هيثم الجبوري، الذي قال أن ” هذه الحكومة اعادت الاقتصاد العراقي الف عام الى الوراء”!.
ومثلما، فعل غورباتشوف في الاتحاد السوفيتي السابق، حينما اجهز عليه بالضربة القاصمة، وانتهت حكاية اعظم دولة في العالم الى سطور في بطن التاريخ، مليئة العجائبية والدهشة، فأننا اليوم أزاء ذات الحال مع رجل ” الماوية الصينية” السابق، الذي يريد ان يسدل الستار الاخير على مسرحيته السياسية، بإفقاد العراق مقومات استعادة الدولة التي طالما نظرَ لها، واعجبت بعض الساسة والقادة الذين فضلوا ان ينتقل الرجل من التنظير الى العمل، لكنهم وكما زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر تفاجئوا به، أذ فشل فشلاً ذريعاً في إدارة الدولة!.
نعم، هذه وقائع فشل مُعلن لنظام يفترض ان يكون شاهقاً ومنيعاً، لكن (المنظر الإفلاطوني) عادل عبد المهدي نجح في تهميشه وتهشيمه وتحجيمه، وصولاً الى أنغلاق سياسي تام، مع وقوف البلاد على شفا الحرب الاهلية، وانقسام الشارع بشكل غير مسبوق، الى تراجع مستويات النمو الاقتصادي، وانهيار الموازنة العامة للبلاد التي باتت تعيش العجز الأعظم في تاريخ العراق، حيث قالت عضو اللجنة المالية النيابية الخبيرة الاقتصادية ماجدة عبد اللطيف في تصريح صحفي، أن ” عجز موازنة 2020 وصل الى قرابة الـ 51 تريلون دينار عراقي”.
أنه، عام الأعوام، عام الحزن العراقي الذي نتج مأسً وفواجع لا يمكن ان يتجاوزها أحد، ولحظة من لحظات العراق الفارقة.
ومع محاولات انهاء ملف حكومة ” غورباتشوف” العراق هذا، الإ ان هذه المحاولات لا تزال تفشل للأسف، مع وعوده المستمرة بأنه سيترك مقاليد البلاد، الا أنه لا يزال يعيش ايامه مع رئاسة الوزراء دون خطوات فاعلة حقيقية لانهاء ملف الحكومة الميتة سريرياً.
إن أخطر ما يتركه عادل عبد المهدي على الجسد السياسي ” الشيعي” الذي تولى ترشيحه لهذا الموقع، إنقسامًا غير مسبوق، وتمزقاً حد الافتراق النهائي والعلني، وأيضاً خروجاً غير مضمون النتائج اجتماعياً من اللعبة السياسية، بعد أن كانوا هم الفاعلين الاكثر تأثيراً منذ 2003، لكنهم اليوم، باتوا رهينة للقوى الكردية والسنية التي أحكمت قبضتها، وباتت تتحكم في قرارهم السياسي بلا أدنى مقاومة، او رفض.
أنه المرشح الذي سيعلن، أو لربما أعلن موت ” الشيعية السياسية” الفاعلة الى الأبد، وأنتهت هذه الظاهرة إلى مجرد يافطة، وشماعة يعلق عليها ” الانفصاليون والمتشددون سنوات الفشل والفساد الذي هم شركاء اساسيون به، لكن هذا الرجل قدم لهم ما يثبت للشارع أن ( الشيعة) فاشلون في الحكم والإدارة!.
أذن، نحن ازاء مفترق تاريخي قد يقود العراق الى وجهة لا نعرفها، مالم يتم تدارك الأمر، ويتم تسويته بشكل سريع، فالشيعة مثلاً تورطوا بالصدام المباشر مع امريكا بعد أن وعدهم رئيس وزرائهم بجلسة علنية، بأن البلاد لا تحتاج لقوات اجنبية مساندة له في حربه ضد الارهاب، لكن هذا الرجل الذي وعد ودفع بالأغلبية الشيعية الى التصويت على اخراج الامريكان من العراق بقرار منفعل، لم يحرك ساكناً للآن ازاء هذا التواجد، فهل قصد بهذا الفعل، أنه سيمنح المبرر للأمريكان وحلفائهم وكل اصدقائهم وعملائهم، بأن يدفعوا ” الشيعة” الى خارج اللعبة، والى الأبد هذه المرة!،
إنه سؤال لا يحتمل التأجيل حتماً.
اترك تعليقاً