لماذا فشل تيار الحكمة في إدارة أي ملف اداري او سياسي في العراق
منذ الاعلان عن تشكيله في أواخر عام 2017 والى اليوم، لا يزال تيار الحكمة أسيراً للفشل السياسي وغياب الرؤية الواضحة تجاه ملفات متعددة، بل لا يزال يواصل تخبطه دون أن يصل الى نقطة معينة في بناء ستراتيحية عمل تحفظ له وجوده السياسي، أو تمنحه مشروعية للبقاء كقوى فاعلة على الأرض.
فهذا التيار الذي يعلن معارضته للحكومة يوم السبت يرتمي في احضانها يوم الأحد، وحين ترفض الحكومة منحه ما يطلب وما جاء من أحله، تراه يعود يوم الإثنين الى صفوف المعارضة، وهكذا يقضي هذا التيار اسبوعه متنقلاً ما بين الحكومة والمعارضة – وللأمانة فإن تيار الحكومة ليس مع الحكومة ولا هو مع المعارضة، إنما هو مع نفسه ومع رئيسه فقط-!
نعم فتيار الحكيم لا يزال اسيراً للرغبات الذاتية، وأسيراً للاجتهادات اللحظية التي تصدر عن مجموعة من الشبان الذين لم يخبروا العمل السياسي بشكل كاف، فتراهم يحاولون احراق المراحل من أجل ركوب كل موجة، والالتحاق بكل طور سياسي متغير، فيما لا تزال البيئة التنظيمية لهم تعاني من فشل ذريع في اعداد جماهير واضحة، وموالية لأفكارهم، لسبب بسيط، هو غياب مشروع الحكمة السياسي، بل أنهم يواصلون الاتكاء على أرث اسرة المرجع السيد الحكيم، وهذا ليس كافياً في ظل انقراض اجيال، وولادة اجيال جديدة، لا تعرف من الماضي القريب شيئاً، كما لا تريد أن تؤمن بقداسات متوارثة ابداً، لذا فأن هذا المشروع سيضمحل بشكل جلي، ولمن يريد أن يتأكد، فأن أبسط استفتاء شعبي سيجرى في المدن التي تعد حاضنة لهذا التيار، ستلاحظ فقدانه لأي ثقل سياسي أو جماهيري، ولعل التظاهرات التي دعا لها التيار في 2019 في البصرة كانت خير شاهد على هذا.
واليوم، يقف تيار الحكمة أسيراً لقيد الفشل، وانعدام المشروع، وسجله السياسي والاداري مليء بالفشل، والفساد من خلال المسؤولين الذين قدمهم للعمل في وزارات الدولة، أو المحافظات التي كانت فضيحة محافظ البصرة ماجد النصراوي، وما تلاها خير شاهد على ما نقوله هنا .
كما أن الفساد الذي استشرى في وزارة النفط خلال اربعة اعوام من سيطرة هذا التيار عليها وعلى عقودها، كان ولا يزال اكبر ملفات الدمار التي تعاني منها البلاد، فضلاً عن اخفاق التيار في ملف وزارة النقل، وتبعات قيادته لعدد من المحافظات التي انتهت الى كوارث خدمية واضحة.
أن بقاء هذا التيار بإدائه الضعيف والمتخبط، انما يزيد من عزلته عن الواقع الاجتماعي، حتى مع تعدد الدعم المالي الذي يتلقاه من دول مجاورة كالسعودية والكويت وبعض الدول الأخرى, لكن التخبط وغياب الرؤية لا تزالان تطغيان على عمل هذا التشكيل، فيما يعزو مراقبون سياسيون هذا الأمر، الى غياب القيادة الحقيقية لدى التيار، أي قيادة القرار الجماعية، وارتباط عمل هذا التشكيل بفرد واحد، أو جناح عائلي معين، مما يعيق أي عملية تقدم في بناء مشروع سياسي او إداري لهذا التيار.
ويضيف المراقبون” بدا هذا التخبط والفشل واضحاً في التظاهرات الأخيرة، حيث لم يكن للتيار اثر واضح في هذا الحراك الشعبي، بل حاول استثماره في لحظات معينة، ومهاجمته في لحظات أخرى، وهو ما يمكن أن نسميه بالتغير اللحظي في المواقف، فمن جانب تهاجم قنوات ووسائل اعلام وشبكات تواصل يملكها التيار، التظاهرات الشعبية وتنساق خلف الاتهامات الموجهة للحراك الشعبي، وتصوره بأنه حراك مدعوم وتخريبي، يقفز بعض قادة هذا التيار الى الصفة المقابلة، ويدعون أنهم جزء من الحراك الشعبي، وأنهم يتبنون المعارضة السياسية للحكومة القادمة، فيما الوقائع اثبتت أن جزءاً حقيقياً من مشروع إعاقة تشكيل حكومة جديدة بديلة للحكومة المستقيلة، كانت اتفاقات الحكمة مع بعض القوى السنية والكردية والشيعية، ومن خلال تلك الاتفاقات تريد المحافظة على مكتسباتها السياسية والعمل على حجز مساحة في حكومة قادمة”.
فيما لفت المراقبون، الى أن ” تجربة الجماهير العراقية مع هذا التيار مريرة، سواء مع المناصب الوزارية التي إدارها، وحولها الى إقطاعيات ادارية خاصة به، أو مع المحافظات التي سرقت أموالها من شخصيات محسوبة عليه، وضاعت فرص التنمية والعمل وبناء تلك المدن، لذا نتوقع أن ما بعد الحراك الشعبي الأخير لن يكون للتيار موضع قدم في أي عملية سياسية شعبية تستند الى الإرادة الجماهيرية”.
اترك تعليقاً