بعد البيان الحازم للجنته المركزية .. الحزب الشيوعي يختار النزول الى الشارع رافضاً الإشتراك في السلطة
غادر الحزب الشيوعي العراقي السلطة مجدداً، وكعادته في المواقف الفاصلة التي تتطلب حسماً تأريخياً، ولحظة فارقة تصنع الفرق؛ ها هو الحزب العتيد يختار بلا تردد قطار الشعب، ويصطف بثقله النوعي والكمي وأرثه الطويل، خلف راية الإرادة الشعبية المنادية بإسقاط حكومة المحاصصة والفساد، معلناً في موقف حاسم، بل ومؤكداً انه فعلاً حزب من الشعب وللشعب ومع الشعب في أي مفترق او منعطف يكون، ولن يتوانَ حين تكون المفاضلة بين خيار الشعب وأي اخر؛ في الالتصاق بالشعب والتضحية بأي مكتسب مهما كان مغرياً او مهما؛ فهذا تاريخ الحزب الممتد يحفل بمواقف كهذه، فحتى حين كان الحزب في اوج قوته ودعمه للسلطة، اختار الشعب في ١٩٥٩ ووقف معه، مع ان الزعيم عبد الكريم قاسم شخصية وطنية نزيهة، الا ان الحزب حالما رأى ان السلطة انذاك لا تستجيب بشكل كاف لمطالب الشعب في حكم ديمقراطي وتعددي، اختار ان يكون في صف الشعب معرضاً كوادره الشجاعة للفصل والسجن، وكرر هذا الحزب ذات الموقف ابان ما سمي الجبهة الوطنية؛ حينما رفض مكتسبات السلطة وامتيازاتها، واختار الوقوف بشجاعة الفرسان امام سلطة البعث الفاشية، ونذر خيرة شبابه وكادره جنوداً في معركة الشعب الفاصلة مع الطغيان، مفضلاً سفوح الجبال وجبهات الموت على قصور السلطة؛ وهكذا كان ابان المعارضة، لم يخذل الشعب ولم يقف يوماً ضد ارادته، الى يومنا هذا الذي رأى فيه ان السلطة استنفدت كل الخيارات، وان رحم الاصلاح بات عقيماً عن ولادة حلول ترضي الجماهير التائقة للنزاهة والعدالة الاجتماعية، والتخلص من الهيمنة والنفوذ الخارجي، فوقف الحزب وقفة اخرى، غير مسبوقة وهو يغادر هذه السلطة، متضامناً ومعبراً عن تطلع الشعب في إسقاط هذه الحكومة، وتشكيل أخرى بديلة من الشعب ومن كفاءاته، تكون قادرة على تلبية مطالبه، وناجحة في تفكيك بنى دولة الفساد العميق الذي اخترق جسدها، وبذا يكون هذا الحزب قد اطلق بكل شجاعة رصاصة الرحمة على النفاق السياسي الذي تمارسه وتنتهجه أغلب إن لم نقل جميع الأحزاب و (التيارات) والقوى السياسية والنفعية والإنتهازية التي تضع قدماً مع المحتجين في الشارع وقدماً مع عبد المهدي في جادة السلطة المفروشة بأموال ومناصب ومغريات السحت الحرام. لقد غرد الحزب الشيوعي العراقي علناً وفي مؤتمر صحفي واسع ببيان جريء، معلناً قراره التاريخي بمغادرة أي تحالف أو قاعدة تجمعه بهذه الحكومة، وحاسماً الأمر بوقوفه مع الشعب المحتج، في الوقت الذي يغرد فيه البعض على مواقع التواصل الاجتماعي هذه الأيام عن دعمه وتأييده الظاهري للتظاهرات الشعبية، بينما يعمل مفاوضوه سراً لنيل المزيد من المناصب والدرجات الخاصة. نعم، فالحزب الشيوعي الواضح منذ تأسيسه، والزاهد، بل والرافض لكل المواقع والمنافع والمكاسب التي تأتي على حساب حرية وسعادة الشعب، لايعمل بالسياسات الباطنية التي ينتهجها ويخترفها البعض؛ فهو والكل يعرف مارس دور الناصح والمحذر والمحتج على سياسات التحاصص والنهب، واطلق منذ سنوات شرارة الاحتجاج السلمي، محذراً من وصول الأمور الى خط اللاعودة، ولكن لم يعِ المتحاصصون خطورة ما كان ينادي به الحزب؛ فاوصلوا الامور الى لحظة الانفجار الشعبي ولم يتركوا لأنفسهم خياراً اخر غير الدعوة لإسقاطهم بالشارع. اذن هي خطوة رائعة وعظيمة من هذا الحزب، وهي بصراحة متوقعة من حزب فارس وشجاع كالحزب الشيوعي العراقي ، حيث ستسجل ضمن خياراته الوطنية المضافة الى سجله الحافل بالتضحيات والمواقف الجبارة من إجل الشعب وقضاياه العادلة.
اترك تعليقاً